كمْ أحتاجكِ هذا العامْ

كمْ أحتاجكِ هذا العامُ
وبردُ الليلِ يدقُّ
بعنفٍ أبوابي

يقتربُ الغيمُ
يحاصرني
يشهرُ في وجهي كلّ سيوفِ الخوفِ
يكبـّـلني بقيودِ الرّعبِ
منَ المجهولِ بدونِ وجودكِ
يرهقني بلْ يسعى
في كلِّ خرابِ

يتحدى القلعة
في نفسي
يطلقُ انذارَ الرّيحِ العاصفِ
نحوَ جداري مثلَ السّهمِ
فأينكِ يا شمسَ سمائي
منْ ألمِ البردِ
يهدّدني
أينكِ
يا فرحي وعذابي

أستمعُ
لصوتِ المطرِ الهادرِ
منْ حولي
يتوعدني
يفتحُ أبوابَ سحابتهِ
ينظرني دون الناسِ
وينذرني أنَّ شتاءَ السّنةِ
غليظُ القلبِ
ثقيلٌ منْ فوقِ ترابي

وأنا في جبٍّ منْ حزنٍ
ألقاني البعدُ بداخله
والخوفُ هناكَ يلازمني
يرسمُ في وجهي أشباحا
يقتلعُ البهجةَ منْ شفتيّ
يسوقُ الحسرةَ أسرابا
ويلي منْ تلكَ
الأسرابِ

أفتقدُ اللمسةَ
تمسحُ دمعَ سويعاتي
أتسوّلُ دفئاً في بلدانِ الغربةِ
أطلبهُ منْ بومٍ
أوْ ثغرِ غرابِ

أفتقدُ الموقدَ
في همساتِ الليلِ
يحدّثني
بحروفِ الدّفءِ يردّدها
إذْ كنتِ وثغركِ يشعلهُ
والبوحُ وقودٌ ملتهبٌ
والشّوق الجارفُ كانَ سؤالكِ
كلّ مساءٍ يسألني
والقبلةُ ردّي وجوابي


أتذكرُ عطركِ
يا زنبقةَ الفجرِ وزهرتَـهُ
إذْ كنتِ العطرَ
على خديّ الصبحِ بأشعاري
تجعلُ منْ حرفي بستانا
أقطفُ ما شئتُ منَ الأزهارِ
لأصنعَ بالحبِّ
خضابي

كمْ أحتاجكِ
هذا العام
وكمْ أشتاقكِ هذا العامُ
وكمْ أتضوّرُ بردا يهلكني
لا أدري يا ويحي
ما بي

فتعالي
جذوةَ مدفأةٍ
صبّـي منْ زيتكِ
فوقَ الحطبِ الميّتِ كي يحيا
واقتحمي فيّ قلاعَ البردِ
أذيبي الثّلجَ
بأوردتي
وأعيدي في النبضِ
شبابي
..

بقلم : رفعت زيتون
شتاء 2009